خدمة المتعاملين ليست مجرد إدارة
خدمة المتعاملين ليست مجرد واجب على قسم واحد، بل هي مسؤولية جميع الأقسام والموظفين في المؤسسة
مقال رأي بقلم الدكتور علاء جراد، مدير مركز الإمارات للتعلم التنظيمي والخبير في مجال الجودة والتميز، يسلط فيه الضوء على أهمية فهم ثقافة خدمة العملاء وتطبيقها في جميع أقسام الشركة ومن قبل جميع الموظفين، لتعود بالنفع عليها من خلال زيادة إقبال العملاء على خدماتها ومنتجاتها ما يزيد من أرباحها، وعلى العملاء الذين يشعرون بقيمتهم لدى الشركة وأهمية آرائهم واقتراحاتهم في تحسين وتطوير خدماتها، ويزيد من ولائهم لها. نشر هذا المقال على موقع صحيفة الإمارات اليوم في 7 يوليو 2017.
يكثر الزخم الإعلامي عن الاهتمام بالعملاء (الزبائن)، وأنه لابد من معاملتهم معاملة جيدة. وتوجد في معظم الشركات إدارات وأقسام لخدمة العملاء، وكذلك للشكاوى، لكن في كثير من الأحيان لا يحصل العميل على الخدمة المتوقعة، ولا يلقى العناية الكافية، والمشكلة أن بعض الشركات ومقدمي الخدمة ينظرون إلى موضوع خدمة العملاء بأنه تَفَضُّل منهم، أو أنه «شيء لزوم الشيء»، فطالما هناك عملاء ينبغي أن تكون هناك إدارة أو قسم باسم خدمة العملاء.
في الواقع أن خدمة العملاء ليست مجرد إدارة، بل هي ثقافة وتوجه وأفعال وسياسات تحتاج لأن يتم غرسها وتجذيرها في نسيج الشركة أو المؤسسة التي تقدم الخدمة. ويبدأ ذلك بالاستماع الحقيقي والفعّال للعملاء، ومعرفة احتياجاتهم وتوقعاتهم، ومن ثم نسج تلك التوقعات في تصميم الخدمة المقدمة.
وهناك حد أدنى لابد من توفيره للعملاء، مثل الاستجابة للشكاوى والاقتراحات خلال فترة قصيرة، وليس خلال 28 يوم عمل كما تفعل بعض المؤسسات، والرد الفوري على مكالماتهم واستفساراتهم، وشرح حقوقهم بوضوح، والاعتذار لهم عند الخطأ والتقصير. كل هذه الأمور هي مجرد الحد الأدنى وليست تفضلاً أو «جميلاً» من قبل مقدم الخدمة. للأسف هناك الكثير من الشركات التي تنصب «أفخاخاً» للعملاء، ولا تشرح لهم حقوقهم، وتلقي باللوم عليهم لعدم قراءة الشروط والتعليمات التي عادة ما تكون صفحات عدة، وبأسلوب من الصعب فهمه، إلا إذا كنت ضليعاً في القانون.
أما العملاء المشتكون فيجب أن تكون لهم سياسات وإجراءات مختلفة للإسراع في الاستماع لشكواهم، والعمل على حلها بأسرع وقت، خصوصاً أن الدراسات تشير إلى أن 4% فقط من العملاء غير الراضين يتقدمون بشكاوى، في حين أن الغالبية العظمى لا تشتكي. وبالتالي يجب تقدير واحترام العملاء المتقدمين بشكاوى، لأنهم يقدمون خدمة للشركة بمساعدتها على معرفة فرص التحسين. ويرى بيل غيتس، مؤسس شركة ميكروسوفت، أن أفضل مصدر للتعلم هو شكاوى العملاء، إلا أنه في الكثير من الأحيان تقابل الشكاوى بالاستهجان والإنكار من الشركات، بل أحياناً يؤخذ الموضوع بشكل شخصي، وقد يعاقب المشتكي لاحقاً بسبب شكواه. إن النجاح في خدمة العملاء وإسعادهم يرتبط بوجود سياسات حاسمة ومطبقة، كما ينبغي التركيز على العاملين الذين يتواصلون مباشرة مع العملاء، فليس كل إنسان مؤهلاً لخدمة العملاء، فالشخصيات تختلف، وكلٌ ميسرٌ لما خُلق له. ويمكن الاستعانة بالاختبارات النفسية، التي تساعد على فهم سمات الشخصية، وبالتالي يتم تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، لأنه لن يفيد التدريب إذا كان الشخص غير مؤهل منذ البداية.